كنت أحس بمزاج جيّد ومستقر طوال الأسبوعين أو الثلاثة الماضية وبدا لي أن تغيير أسلوب حياتي ساعدني في مواجهة الاكتئاب، إلا أني كنت أعلم أنه مستتر تحت السطح وليس ببعيد. ذكرت سابقا أن الاكتئاب يستنفذ طاقتي النفسية فأصبح كمن فقد لياقته ويتعب لأبسط مجهود، وهو ما حصل.
ضمن جلسات العلاج النفسي أقوم برصد وتحليل المواقف التي تسبب هبوط بالمزاج، وحصل معي موقفين الأسبوع الفائت عاد مزاجي بعدها للارتفاع بساعات قليلة، ولكني هذا الصباح أحس بشكل مختلف، أسوأ وأكثر عمقا. أحس بأني تجاوزت طاقتي (أوفر ويلمد) بسبب مشكلتين المفترض أنها بسيطة ويومية. أيضا مع انخفاض مزاجي عادة ما ترتفع حساسيتي وانزعاجي من الآخرين فتحسّست من موقف مع صديق، ما عمّق احساسي بالحزن
في الجلسة الأخيرة بدأت أحسّ بفائدة العلاج النفسي وأصبحَ مُقنعا أكثر. ما شدّ انتباهي على الخصوص هو كون العلاقة بين المزاج والسلوك قد تأخذ أكثر من اتجاه، وليس بالضرورة أن يكون المزاج هو القائد والمسيّر لحياتي. أعلم جيدا كيف أن انخفاض مزاجي أحيانا يدخلني في دوامة هابطة (سبايرال) بحيث أشعر بالرغبة بالانعزال والذي بدوره يعزز المزاج السيئ ما يدفعني لفعل أشياء أخرى لربما تزيد الوضع سوء
“اتبع الخطّة، لا تتبع المزاج” هي نصيحة المعالج وفِكرتها تكمن في عدم الانسياق وراء المزاج السيء وتركه يقرّر السلوك وإنما محاولة الالتزام بالروتين العادي، بل وحتى تقصّد فعل بعض الأشياء التي تقاوم المزاج السيئ وتجلب البهجة. تذكّرت أني قمت بشيء مشابه العام الماضي عندما لاحظت أن الوجوم استمر معي لليوم التالي من المرور بموقف وأني قد أكون بدأت الانزلاق نحو نوبة اكتئاب، فتوقفت عن العمل (مصدر التوتر) وانشغلت بممارسة التصوير ليومين وقابلت صديقا مقرّبا، ما أظنه ساهم في كسر حلقة الأفكار والمشاعر السلبية. مع ذلك، كلمات المعالج جعلتني أكثر فهما للعلاقة بين المشاعر والسلوك ووجود خيارات للفعل بدلا من “الاستسلام” والذوبان في زاوية الاكتئاب المظلمة “المريحة”.
الكثير من قطع الغيار حاليا في السيارة والتي لازالت تصدر أصوات وحركات مزعجة، ومع ذلك مررت بجانب الورشة وأكملت الطريق نحو المقهى المفضل من أجل تجربة جميلة وفرصة للتعبير من خلال هذه النافذة
لن تنتهي المشاكل وسيأتي غيرها ومن الأفضل لي التعوّد على وجودها ومحاولة التعامل معها بشكل أفضل. لا تزال روحي مثقلة ونفسيتي هشّة ولكني اليوم عندي ثقة أكثر بقليل حيال قدرتي على مواجهة الاكتئاب بمحاولات ستصيب وتخطئ، ولكن المحاولة على الأقل قد تساعدني في مواجهة شعور العجز القميء والذي يميز الاكتئاب والذي يوصف بأنه انطفاء (شت داون)، واحيانا يكون الانطفاء مغري بالراحة، وهو إغراء جدّ خطير.
شكرا
الرياض، الخامس من سبتمبر ٢٠٢٤