قبل يومين كانت الجلسة الثالثة لأول تجربة في العلاج النفسي، ومع قصر التجربة إلا أن هنالك ما يستحق الذكر. الجلسة الأولى كانت متوقعة من حيث إرساء القواعد للتعامل واستقبال الشكوى بالتفصيل، مع أخذ معلومات عامة مثل المعلومات الأسرية والحالة الوظيفية والتعليم وطبيعة التديّن. خلال حديثي عن أعراض “الاكتئاب” لاحظت أنه يعتريني انفعال الحزن/الأسى واحس بغصّة مع رغبة غير مفهومة في البكاء عند ذكر بعض “المعلومات” عن الأعراض أو الأحداث التي عايشتها، وعلى الرغم من كوني في ذهنية مستقرّة وفي تركيز على الوصف البارد ومزاج النقاش “العقلاني” مع المعالج إلاّ أني عايشت شعورا أجده مميزا للاكتئاب وهو فقدان التحكّم بنفسي أو حتّى توقع سلوكي وانفعالي أو حتى فهمه!
الجلسة الثانية مختلفة، فبعد حديث روتيني قصير بدأ المعالج بتوجيهي ضمن تمرين لتحليل موقف مررت به مؤخرا في محاولة لفهم طريقة انفعالي في مثل هذه المواقف والأفكار المرتبطة بها. لم أفهم الهدف من التمرين ولم أكن مقتنعا بطريقة اختيار الموقف، وأحسست أني متجه بطريق خاطئ. أرسلت بريد الكتروني للمعالج وضّحت فيه عدم رضاي عن التمرين وأسباب ذلك، مع رغبتي في مزيد من الوضوح عبر معرفة الخطة العلاجية بشكل عام ثمّ رغبتي بأن أفهم الهدف من أي خطوة علاجية واقتنع بها قبل تطبيقها. وحصل ذلك في الجلسة الثالثة والتي طلبت تخصيصها لمناقشة الخطّة العلاجية ومراحلها وأهدافها. كان النقاش جيّد وحاولت تكرار بعض الأسئلة للتأكّد من أني فهمت فعلا وبوضوح الخطّة، وتجنب الإحساس بالضياع بعد اللقاء، كما يحصل معي كثيرا
قرّرت إكمال العلاج على الرغم من تفكيري بتغيير المعالج، لكونه مُقنع أولا وثانيا حتى أتأكّد أني لا أحاول الهرب والتملّص عبر عذر سانح. ما أظنه ساهم في تجربتي الأولى السيئة هو الطبيعة التجارية للعلاج النفسي والذي إضافة لسعيه للربح فإنه يحاول زيادة “إنتاجية” “العمل” بتشذيب كثير من الزوائد الإنسانية التي يُنظر لها كغير ضرورية، مثل معرفة المعالج لي بشكل أفضل أو أخذه وقتا أكثر لشرح طريقته في العلاج والهدف من التدريب والتأكد من كوني مقتنع بما يطلبه مني. ما ضايقني هو ما بدا لي قفزا نحو العلاج قبل فهم الأسباب جيدا، فمثلا هو يعلم أني استقلت من وظيفتي ولم يسألني عن سبب إقدامي على هذا الفعل العظيم! مع تكراره بشكل روتيني (متطلّب تنظيمي) في كلّ جلسة أسئلة عن الأفكار الانتحارية مع إيضاحي له أنها غير موجودة عندي وليست هاجسا
تلقيت رسالة من مُعالجة تفيد بتوفر موعد للعلاج، وأنوي استكشاف خيارات اخرى تطبيقا لمبدأ أهمية وجود رأي طبي ثانً، وأعتقد أنه في حال العلاج النفسي يجب أن يكون هنالك استكشاف لخيارات ثالثة وربما رابعة، كون التوافق بين المعالج والمسترشد أكبر أهميّة منه في العلاج الجسدي. على الرغم من الكبوة المذكورة إلاّ أن الوقت مبكّر لأي استنتاجات ولست أتوقع انفراجة مهمّة في فهم نفسي بوقت قصير، فضلا عن العلاج
منذ بداية سلوك طريق العلاج النفسي وجدت نفسي أكثر تأملا لسلوكي في الماضي، وأكثر انتباها لأفكار القلق وأقل ميلا للانزلاق نحوها أو الاستجابة لها بأفعال تغذيها. إضافة إلى الشعور الجيد بأني أخيرا قررّت طلب المساعدة بعد تجاهل معاناتي لفترة طويلة
شكرا
الرياض، الثالث والعشرون من أغسطس ٢٠٢٤