هُدهُد

تم تشخيصي باضطراب تشتّت الانتباه وفرط الحركة، وهو أمر كنت أتوقعه. كانت عملية التشخيص من زاوية نظري جيّدة مقارنة بتجربة أحد الأصدقاء والقصص التي أطلعت عليها في فضاء الانترنت، فالتشخيص تمّ من قبل متخصّصتين في جلستان منفصلتان مجموعهما يقارب ١٥٠ دقيقة، شملت نواحي مختلفة في حياتي السابقة والحالية تخلّلها بعض النقاش وأسئلة من طرفي. في نهاية الجلسة الأخيرة أخبرتني الطبيبة النفسية بالتشخيص على الرغم من عدم وجود حاجة لتدخل علاجي أو سلوكي، كون الأعراض لا تؤثر بشكل كبير على حياتي اليومية (فنكشننق). حتّى يطمأن قلبي أكثر سألت الطبيبة عن مدى الثقة بالتشخيص؟ وإمكانية نفي وجود أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه عندي، فأجابت أنه وعلى العكس هي ترى إثبات وجوده

وأنا أخرج من العيادة أحسست أن التشخيص كان أسهل مما توقعت ولم تتّضح أي مشاعر واضحة حوله. وبعد مرور أيام عديدة، لازلت أشعر أنه ليس يقينا لكن ربما هو خطوة إضافية أو قرينة أخرى تدعم ظني بكون عقلي مختلف ويعمل بنمط يشابه مجموعة من المختلفين الآخرين، يتفرّد كلّ منهم بغرابته الخاصّة. لاحظ أحد الأصدقاء أنّ اختصار “فرط الحركة وتشتت الانتباه” (أي دي اتش دي) يشابه لفظة “هدهد” وأعجبني هذا الوصف اللطيف فتبنيته. على الرغم من حذري المتوجّس من الوسوم “ليبل” المبني على قناعة أن هذه التصنيفات افتراضية وأنها قد تقود إلى إستدخالها بشكل يؤثر سلبيا على المشاعر والأفكار والسلوك، حتى إن كانت خاطئة، أعتقد أنه من المنطقي وضع وزن لهذا التشخيص بل واعتباره نقطة مفصلية خاصة في غياب خيارات أفضل، وعليه سأفترض أني أحد قبيلة الهداهد حتى يثبت عكس ذلك

الأسبوع الماضي كان مزدحما بأحداث كثيرة وضاغطة ولاحظت أني كنت أبعد ما يكون عن الإتزان والتنظيم والهدوء على الرغم من الإنتاجية العالية، وأظن الوقت لازال مبكّرا لمعرفة مدى استدخالي للهوية الجديدة وتأثيرها. اتفق مع تقييم الطبيبة بعدم حاجتي للعلاج في الوقت الحالي، ويكفيني كون عملية التقييم كانت خطوة باتجاه فهمي لنفسي وكيف يؤثر نمط تفكيري على حياتي اليومية واحتمالية تغذيته لنوبات الاكتئاب، حيث آمل أن أجد نمط حياة يناسبني ويجنبني الوقوع في مساوئ هذا النمط من التفكير. أن أجد طريقا في الحياة يناسب غرابتي الخاصة ويقلّل من الخسائر غير الضرورية ويقلّل تأثيري السلبي على من حولي، خاصة الأحبّة. أظنّ وصولي لمرحلة عمرية لا أقلق فيها كثيرا من كوني “مختلفا” أو يقضّ مضجعي استنكار غريب لسلوك يراه فيّ غريبا يقوده لحكم سلبي عني. قرأت في مكان ما حكمة أجنبية تقول

“people who mind don’t matter and people who matter don’t mind”

شكرا 

الرياض في الحادي عشر من ديسمبر ٢٠٢٤